وقرأ درويش في آخر أُمسية شعرية له في رام الله في 2/7/2008م مجموعة من قصائده الجديدة ومنها (سيناريو جاهز) و(لاعب النرد) و(محطة قطار سقط عن الخريطة).
"لاعب النرد" آخر قصائد محمود درويش ومرثيته البديعة لنفسه ستدخل تاريخ الشعر العربي والعالمي بكونها الحرف الأخير قبل المضي نحو الكفن.
مَنْ أَنا لأقول لكمْ ما أَقول لكمْ ؟وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُفأصبح وجهاًولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُفأصبح ناياً ...أَنا لاعب النَرْدِ ،أَربح حيناً وأَخسر حيناًأَنا مثلكمْأَو أَقلُّ قليلاً ...وُلدتُ إلى جانب البئرِوالشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْوُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْوسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةًوانتميتُ إلى عائلةْمصادفَةً ،ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْوأَمراضها :أَولاً - خَلَلاً في شرايينهاوضغطَ دمٍ مرتفعْثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِوالجدَّة - الشجرةْثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزابفنجان بابونجٍ ساخنٍرابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرةخامساً - مللاً في ليالي الشتاءْسادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُكانت مصادفةً أَن أكونْذَكَراً ...ومصادفةً أَن أَرى قمراًشاحباً مثل ليمونة يَتحرَّشُ بالساهراتولم أَجتهدكي أَجدْشامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !كان يمكن أن لا أكونْكان يمكن أن لا يكون أَبيقد تزوَّج أمي مصادفةًأَو أكونْمثل أختي التي صرخت ثم ماتتولم تنتبهإلى أَنها وُلدت ساعةً واحدةْولم تعرف الوالدةْ ...أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَقبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ /كانت مصادفة أَن أكونأنا الحيّ في حادث الباصِحيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّةْلأني نسيتُ الوجود وأَحوالهعندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّتَقمَّصْتُ دور المؤلف فيهاودورَ الحبيب - الضحيَّةْفكنتُ شهيد الهوى في الروايةِوالحيَّ في حادث السيرِ /لا دور لي في المزاح مع البحرِلكنني وَلَدٌ طائشٌمن هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍينادي : تعال إليّْ !ولا دور لي في النجاة من البحرِأَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّرأى الموج يصطادني ويشلُّ يديّْكان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباًبجنِّ الُمعَلَّقة الجاهليّةِلو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةًلا تطلُّ على البحرِلو أَن دوريّةَ الجيش لم تر نار القرىتخبز الليلَلو أَن خمسة عشر شهيداًأَعادوا بناء المتاريسِلو أَن ذاك المكان الزراعيَّ لم ينكسرْرُبَّما صرتُ زيتونةًأو مُعَلِّم جغرافياأو خبيراً بمملكة النملأو حارساً للصدى !مَنْ أنا لأقول لكمما أقول لكمعند باب الكنيسةْولستُ سوى رمية النردما بين مُفْتَرِسٍ وفريسةْربحت مزيداً من الصحولا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْبل لكي أَشهد المجزرةْنجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّوأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْوخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبيوخفتُ على زَمَنٍ من زجاجْوخفتُ على قطتي وعلى أَرنبيوعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْوخفت على عِنَبِ الداليةْيتدلّى كأثداء كلبتنا ...ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِحافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أريدُمن الغد - لا وقت للغد -أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ /أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أسرعُ / أبطئ / أهوي/ أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أرى / لا أرى / أتعثَّرُ/ أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ/ أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسى/ أرى / لا أرى / أتذكَُّر / أَسمعُ / أبصرُ / أهذي /أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أجنّ /أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أدْمَى/ ويغمى عليّ /ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناكمُصَادفةً ، أو هروباً من الجيشِ /لا دور لي في حياتيسوى أَنني ،عندما عَلَّمتني تراتيلها ،قلتُ : هل من مزيد ؟وأَوقدتُ قنديلهاثم حاولتُ تعديلها ...كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةًلو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،والريح حظُّ المسافرِ ...شمألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبتُأما الجنوب فكان قصياً عصيّاً عليَّلأن الجنوب بلاديفصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطاميربيعاً خريفاً ..أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِثم أطيل سلاميعلى الناصريِّ الذي لا يموتُلأن به نَفَسَ اللهوالله حظُّ النبيّ ...ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ...من سوء حظّيَ أَن الصليبهو السُلَّمُ الأزليُّ إلى غدنا !مَنْ أَنا لأقول لكمما أقولُ لكم ،مَنْ أنا ؟
قرأها في رام الله في أول يوليو/تموز 2008 وساد بعدها صمت الموت في قلوب عشاقه. الشاعر يعلن الإستسلام لموته: هزم الأشياء جميعها إلا هذا الشيء الغريب. ثم ذهب إليه مطمئنا ومقتنعاً كأنما يريد إعادة بعث واحدة من قصائده القديمة لنراه جميعا قد "عاد في كفن".
"لاعب النرد" آخر قصائد محمود درويش ومرثيته البديعة لنفسه ستدخل تاريخ الشعر العربي والعالمي بكونها الحرف الأخير قبل المضي نحو الكفن.
مَنْ أَنا لأقول لكمْ ما أَقول لكمْ ؟وأَنا لم أكُنْ حجراً صَقَلَتْهُ المياهُفأصبح وجهاًولا قَصَباً ثقَبتْهُ الرياحُفأصبح ناياً ...أَنا لاعب النَرْدِ ،أَربح حيناً وأَخسر حيناًأَنا مثلكمْأَو أَقلُّ قليلاً ...وُلدتُ إلى جانب البئرِوالشجراتِ الثلاثِ الوحيدات كالراهباتْوُلدتُ بلا زَفّةٍ وبلا قابلةْوسُمِّيتُ باسمي مُصَادَفَةًوانتميتُ إلى عائلةْمصادفَةً ،ووَرِثْتُ ملامحها والصفاتْوأَمراضها :أَولاً - خَلَلاً في شرايينهاوضغطَ دمٍ مرتفعْثانياً - خجلاً في مخاطبة الأمِّ والأَبِوالجدَّة - الشجرةْثالثاً - أَملاً في الشفاء من الانفلونزابفنجان بابونجٍ ساخنٍرابعاً - كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبَّرةخامساً - مللاً في ليالي الشتاءْسادساً - فشلاً فادحاً في الغناءْ ...ليس لي أَيُّ دورٍ بما كنتُكانت مصادفةً أَن أكونْذَكَراً ...ومصادفةً أَن أَرى قمراًشاحباً مثل ليمونة يَتحرَّشُ بالساهراتولم أَجتهدكي أَجدْشامةً في أَشدّ مواضع جسميَ سِرِّيةً !كان يمكن أن لا أكونْكان يمكن أن لا يكون أَبيقد تزوَّج أمي مصادفةًأَو أكونْمثل أختي التي صرخت ثم ماتتولم تنتبهإلى أَنها وُلدت ساعةً واحدةْولم تعرف الوالدةْ ...أَو : كَبَيْض حَمَامٍ تكسَّرَقبل انبلاج فِراخ الحمام من الكِلْسِ /كانت مصادفة أَن أكونأنا الحيّ في حادث الباصِحيث تأخَّرْتُ عن رحلتي المدرسيّةْلأني نسيتُ الوجود وأَحوالهعندما كنت أَقرأ في الليل قصَّةَ حُبٍّتَقمَّصْتُ دور المؤلف فيهاودورَ الحبيب - الضحيَّةْفكنتُ شهيد الهوى في الروايةِوالحيَّ في حادث السيرِ /لا دور لي في المزاح مع البحرِلكنني وَلَدٌ طائشٌمن هُواة التسكّع في جاذبيّة ماءٍينادي : تعال إليّْ !ولا دور لي في النجاة من البحرِأَنْقَذَني نورسٌ آدميٌّرأى الموج يصطادني ويشلُّ يديّْكان يمكن أَلاَّ أكون مُصاباًبجنِّ الُمعَلَّقة الجاهليّةِلو أَن بوَّابة الدار كانت شماليّةًلا تطلُّ على البحرِلو أَن دوريّةَ الجيش لم تر نار القرىتخبز الليلَلو أَن خمسة عشر شهيداًأَعادوا بناء المتاريسِلو أَن ذاك المكان الزراعيَّ لم ينكسرْرُبَّما صرتُ زيتونةًأو مُعَلِّم جغرافياأو خبيراً بمملكة النملأو حارساً للصدى !مَنْ أنا لأقول لكمما أقول لكمعند باب الكنيسةْولستُ سوى رمية النردما بين مُفْتَرِسٍ وفريسةْربحت مزيداً من الصحولا لأكون سعيداً بليلتيَ المقمرةْبل لكي أَشهد المجزرةْنجوتُ مصادفةً : كُنْتُ أَصغرَ من هَدَف عسكريّوأكبرَ من نحلة تتنقل بين زهور السياجْوخفتُ كثيراً على إخوتي وأَبيوخفتُ على زَمَنٍ من زجاجْوخفتُ على قطتي وعلى أَرنبيوعلى قمر ساحر فوق مئذنة المسجد العاليةْوخفت على عِنَبِ الداليةْيتدلّى كأثداء كلبتنا ...ومشى الخوفُ بي ومشيت بهِحافياً ، ناسياً ذكرياتي الصغيرة عما أريدُمن الغد - لا وقت للغد -أَمشي / أهرولُ / أركضُ / أصعدُ / أنزلُ / أصرخُ /أَنبحُ / أعوي / أنادي / أولولُ / أسرعُ / أبطئ / أهوي/ أخفُّ / أجفُّ / أسيرُ / أطيرُ / أرى / لا أرى / أتعثَّرُ/ أَصفرُّ / أخضرُّ / أزرقُّ / أنشقُّ / أجهشُ / أعطشُ/ أتعبُ / أسغَبُ / أسقطُ / أنهضُ / أركضُ / أنسى/ أرى / لا أرى / أتذكَُّر / أَسمعُ / أبصرُ / أهذي /أُهَلْوِس / أهمسُ / أصرخُ / لا أستطيع / أَئنُّ / أجنّ /أَضلّ / أقلُّ / وأكثرُ / أسقط / أعلو / وأهبط / أدْمَى/ ويغمى عليّ /ومن حسن حظّيَ أن الذئاب اختفت من هناكمُصَادفةً ، أو هروباً من الجيشِ /لا دور لي في حياتيسوى أَنني ،عندما عَلَّمتني تراتيلها ،قلتُ : هل من مزيد ؟وأَوقدتُ قنديلهاثم حاولتُ تعديلها ...كان يمكن أن لا أكون سُنُونُوَّةًلو أرادت لِيَ الريحُ ذلك ،والريح حظُّ المسافرِ ...شمألتُ ، شرَّقتُ ، غَرَّبتُأما الجنوب فكان قصياً عصيّاً عليَّلأن الجنوب بلاديفصرتُ مجاز سُنُونُوَّةٍ لأحلِّق فوق حطاميربيعاً خريفاً ..أُعمِّدُ ريشي بغيم البحيرةِثم أطيل سلاميعلى الناصريِّ الذي لا يموتُلأن به نَفَسَ اللهوالله حظُّ النبيّ ...ومن حسن حظّيَ أَنيَ جارُ الأُلوهةِ...من سوء حظّيَ أَن الصليبهو السُلَّمُ الأزليُّ إلى غدنا !مَنْ أَنا لأقول لكمما أقولُ لكم ،مَنْ أنا ؟
قرأها في رام الله في أول يوليو/تموز 2008 وساد بعدها صمت الموت في قلوب عشاقه. الشاعر يعلن الإستسلام لموته: هزم الأشياء جميعها إلا هذا الشيء الغريب. ثم ذهب إليه مطمئنا ومقتنعاً كأنما يريد إعادة بعث واحدة من قصائده القديمة لنراه جميعا قد "عاد في كفن".
مقتطفات من الكتاب : وترجل فارس الكلمة محمود درويش
هناك تعليق واحد:
Borgata Hotel Casino & Spa - Mapyro
Find Borgata 통영 출장안마 Hotel Casino & Spa (New Jersey) location 부산광역 출장샵 in New Jersey, United States and 10 minutes from Atlantic City. Realtime 충청북도 출장안마 driving directions to 전라남도 출장마사지 Borgata 보령 출장마사지
إرسال تعليق