إن الانتصارات الرائعة التي حققتها المقاومة الفلسطينية والمتطوعون
العرب عام 1948م (جيش الإنقاذ بقيادة فوزي
القاوقجي - قوات الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني- معارك اللطرون ....)
رغم كل الظروف الصعبة وقلة السلاح وعدم تكافؤ القوى، والمنافسات وحب السلطة
والعقبات... دفعت بالأنظمة العربية إلى مسرحية دخول الجيوش العربية([1])..
فما كان منها من دور إلا مصادرة سلاح المقاومة بل ورمي المناضلين في السجون،
وتسليم الأراضي الفلسطينية للصهاينة بحسب الخطة الاستعمارية.
كانت الكفة لصالح الفلسطينيين، وانتصرت المقاومة خاصة في معارك اللطرون لكن مؤامرة فرض الهدنة في إبريل، ثم يونيو ويوليو 1948، جعلت القيادة السياسية الفلسطينية تدور في فلك الهدنة وتثبيتها مع الحكام العرب، الذين كانوا يخدعونهم.. في الوقت الذي كانت فيه العصابات الصهيونية تعيد ترتيب الأمور واحتلال المدن والقرى واحدة تلو الأخرى!!
وهكذا وقعت المأساة التاريخية!!
نكبة فلسطين عام 1948 هي نتيجة إجرام صهيوني، وخيانة عربية رسمية واسعة، كما تثبت الوثائق المنشورة، كذلك تواطؤ بريطاني واضح، وكان لبريطانيا 75000 جندي عندما بدأت المعارك، تستطيع بهم منع المذابح والطرد، لكنها لم تفعل. حاول المتطوعون العرب وقف المذبحة، لكنهم خُذلوا، أمام جيش مدرّب ومعدّ جيداً، حتى إن غلوب باشا، رئيس هيئة أركان الفيلق العربي سمّى حرب 1948 بـ "الحرب المزيفة"، نظراً لعدم توازن القوى. والنتيجة أن أكثر من سبعة ملايين لاجئ (حسب إحصاءات حديثة)، فقدوا بيوتهم، وحقهم في حياة كريمة، لكن لم يملّوا الانتظار؛ انتظار قطار العودة.
والمثير للضحك المبكي أن قوات الجيوش العربية وضعت تحت إمرة الجنرال
البريطاني كلوب (باشا) قائد القوات الأردنية، بمعنى آخر القائد البريطاني الصهيوني
كلوب يقود الجيوش العربية لتحرير فلسطين من الصهاينة الذين خلقت مشروعهم
بريطانيا!!
إن الذي أضاع فلسطين هو: المؤامرة الدولية (بريطانيا، أوروبا،
أمريكا، الصهاينة، المسيحية الصهيونية..)، قرار التقسيم الإجرامي، خيانة الحكام
العرب المرتبطين بالاستعمار وخداعهم للشعب الفلسطيني، عدم وجود برنامج كفاحي
ونضالي يلتف حوله الشعب الفلسطيني، ضياع القيادات السياسية الفلسطينية لقصر رؤيتها
للأحداث. ولطموحاتها بالزعامة والسيطرة والتمثيل تذبذبت مواقفها، وابتعدت عن العمل
الكفاحي إلى جانب الشعب، وظنت أن النضال بالاجتماعات والمفاوضات مع الحكام العرب
وغيرهم، وكأنما الحوار والمناقشة يحلان القضية، ثم راهنت على غيث الجيوش العربية!!
واليوم ما أشبهه بالأمس، فهل سيلتف الفلسطينيون حول برنامج واحد
وقيادة واحدة وعلم واحد!؟
وهل سيحددون الصديق من العدو، والوطني من الخائن، أم سنضيع ثانية
ونحن ندور في حلقات ومتاهات المفاوضات والمبادرات والاجتماعات.. في الوقت الذي
يتابع فيه العدو الصهيوني مخططاته بمؤازرة حليفيه الأمريكي والأوروبي!!!
[1] : من بين الجيوش الرئيسية الثلاثة التي قاتلت في
حرب 48، المصريّ والعراقيّ والأردنيّ، كان الجيشُ الأردنيُّ هو الأقل عدداً
وعتاداً، لكنه حافظ بالقتال على أكبر مساحة من فلسطين، وفي مقدمة ذلك المحافظة على
القدس والأماكن المقدّسة الإسلاميّة والمسيحيّة.وقد أبلى بلاء حسنا في معارك القدس
( باب الواد واللطرون).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق