ناجي العلي وغسان كنفاني
ولد الشهيد عام 1936 في قرية الشجرة الفلسطينية التي احتلت بعد معارك عنيفة ودامية سقط فيها اكثر من الف شهيد معظمهم من جيش الانقاذ وكان معهم ايضا الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود صاحب الأبيات الشهيرة: "سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى فإما حياة تسر الصديق وأما ممات يغيظ العدى.."
على نهج هذه الأبيات ووهجها الحار والمضيء عاش ناجي حايته واختار رسالته وعنوانها الواضح، بعدما نزح مع عائلته الى لبنان حيث عاش طفولته في مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا الساحلية في جنوب لبنان، وعمل في مهن عدة قبل ان يصبح بعد فترة وجيزة احد اهم الأعمدة الأساسية للصحافة الحرة والمستقلة في الوطن العربي الكبير.
ومن حسن الصدف ان يكون الأديب الفلسطيني الكبير غسان كنفاني هو الذي نشر العمل الاول للفنان الكبير والمبدع. لكن من تعاسة الصدف ايضا ان يستشهدا في نفس الشهر ولو اختلفت السنة والأيدي التي ارتكبت الجريمة مع ان الهدف النهائي للقتلة كان واحدا وهو قتل رموز الابداع الفلسطيني وتغييبهم.(1)
عاش ناجي لجوءه الأول في مخيم عين الحلوة بلبنان الذي أقامه المهاجرون الفلسطينيون وفيه نشأ ناجي الذي لم ينل من تعليمه النظامي غير المرحلة الابتدائية فقط في مدرسة «اتحاد الكنائس المسيحية» وحاول أن ينتظم في عام 1959 في أكاديمية أليكس بطرس للفنون في بيروت لتعلم فن الرسم إلا أنه لم يفلح في ذلك حيث كان طالبا مسجلا لمدة عام ولكن لم يداوم ولم ينتظم فيها أكثر من شهرين بسبب اعتقاله ست مرات خلال هذه السنة لأسباب سياسية تعود إلي انتمائه لفكر «حركة القوميين العرب» وتوزيع منشوراتهم والاشتراك في مظاهراتهم ومهرجاناتهم والرسم ضد السلطة علي جدران المخيم، واتجه ناجي صغيرا نظرا للظروف المعيشية إلي العمل كعامل بسيط في بساتين الحمضيات والزيتون، ولكن وجده عملا مملا وآثر أن يرحل إلي طرابلس ليتعلم مهنة يكتسب منها قوت يومه فالتحق بمدرسة مهنية هناك وتعلم الميكانيكا ومنها سافر للسعودية ليعمل ميكانيكيا لمدة عامين. لكن حب ناجي للرسم بدأ معه قبل ذلك بدأ مبكرا جدا وشهدت جدران مخيم عين الحلوة محاولاته الأولي حيث كان يقضي أوقات فراغه في الرسم العبثي علي قصاصات من أوراق الكراسات المدرسية وإذا لم تتوفر له هذه القصاصات يرسم علي الجدران بشظايا الفحم الخشبي وشيئا فشيئا بدأ وعيه السياسي يتشكل من خلال علاقته بمحيطه البائس فوجد نفسه مجبرا علي رسم هموم شعبه ومأساته وأول محاولة شبه جادة في عالم الكاريكاتير لناجي العلي في الرسم الساخر كانت في السجن وكان الرسم بمثابة لغته التنفيسية الوحيدة له بين القضبان وكان يرسم علي جدران الزنزانة وأحيانا علي ورق الأكياس التي تتوافر له من خلال إدخال بعض الحاجات الغذائية. أستاذه الأول والذي أطلق جذوته الإبداعية إلي العالم هو الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني الذي اكتشفه بالمصادفة حين كان كنفاني يقوم بجولة من جولاته الدورية في مخيم عين الحلوة وهناك شاهد لوحات ناجي العلي وأعجب بها وأخذ معه ثلاث لوحات منها بين أوراقه التقطها من علي الجدار الذي يعلق ناجي لوحاته عليه ومضي وبعد فترة وجيزة شاهد ناجي لوحاته منشورة في جريدة «الحرية» التي يترأس تحريرها كنفاني، ويقول ناجي العلي عن هذه الفترة: المرحوم غسان كنفاني هو الذي اكتشفني وهو الذي قدمني للإعلام ففي إحدي زياراته الدورية لمخيم عين الحلوة وقع علي ثلاثة رسوم وضعها تحت إبطه ومضي وبعد فترة فوجئت بها منشورة في مجلة «الحرية» ولم تصدق عيناي ما رأتا ولا كذلك قلبي الذي أخذ يتراقص فرحا بهذا الإنجاز الكبير، شعرت بعد ذلك أن غسان كنفاني هو أب من نوع استثنائي خاص، أب للإبداع يكتشفه ويقدمه ويشجعه علي المضي في المغامرة. (2)وواصل كنفاني تبنيه لناجي العلي فتوسط له عام 1963 للعمل في مجلة «الطليعة الكويتية» لسان حال القوميين العرب في الكويت آنذاك وقد استقبل ناجي هذا العمل بحفاوة وتحولت «الطليعة» إلي همه الأساسي التي من خلالها يمارس هوايته ويقول رأيه وأصبحت منبره ا لأسبوعي لمخاطبة قرائه ثم تنقل ناجي بعد ذلك إلي عدد من المراحل الفنية ارتبطت بجرائد عربية شهيرة بدأها بمرحلة جريدة «السفير» اللبنانية «1974 ـ1976» و«1978 ـ 1983» ومرحلة جريدة «القبس» الكويتية «1983 ـ 1985» وأخيرا مرحلة جريدة «القبس الدولية» «1985 ـ 1987»
(1) : نضال حمد ، كاتب فلسطيني يقيم في أوسلو- النرويج،2002
(2) : محمد أبوزيد ،جريدة القاهرة ، 10/04/2005
ولد الشهيد عام 1936 في قرية الشجرة الفلسطينية التي احتلت بعد معارك عنيفة ودامية سقط فيها اكثر من الف شهيد معظمهم من جيش الانقاذ وكان معهم ايضا الشاعر الفلسطيني عبد الرحيم محمود صاحب الأبيات الشهيرة: "سأحمل روحي على راحتي
وألقي بها في مهاوي الردى فإما حياة تسر الصديق وأما ممات يغيظ العدى.."
على نهج هذه الأبيات ووهجها الحار والمضيء عاش ناجي حايته واختار رسالته وعنوانها الواضح، بعدما نزح مع عائلته الى لبنان حيث عاش طفولته في مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا الساحلية في جنوب لبنان، وعمل في مهن عدة قبل ان يصبح بعد فترة وجيزة احد اهم الأعمدة الأساسية للصحافة الحرة والمستقلة في الوطن العربي الكبير.
ومن حسن الصدف ان يكون الأديب الفلسطيني الكبير غسان كنفاني هو الذي نشر العمل الاول للفنان الكبير والمبدع. لكن من تعاسة الصدف ايضا ان يستشهدا في نفس الشهر ولو اختلفت السنة والأيدي التي ارتكبت الجريمة مع ان الهدف النهائي للقتلة كان واحدا وهو قتل رموز الابداع الفلسطيني وتغييبهم.(1)
عاش ناجي لجوءه الأول في مخيم عين الحلوة بلبنان الذي أقامه المهاجرون الفلسطينيون وفيه نشأ ناجي الذي لم ينل من تعليمه النظامي غير المرحلة الابتدائية فقط في مدرسة «اتحاد الكنائس المسيحية» وحاول أن ينتظم في عام 1959 في أكاديمية أليكس بطرس للفنون في بيروت لتعلم فن الرسم إلا أنه لم يفلح في ذلك حيث كان طالبا مسجلا لمدة عام ولكن لم يداوم ولم ينتظم فيها أكثر من شهرين بسبب اعتقاله ست مرات خلال هذه السنة لأسباب سياسية تعود إلي انتمائه لفكر «حركة القوميين العرب» وتوزيع منشوراتهم والاشتراك في مظاهراتهم ومهرجاناتهم والرسم ضد السلطة علي جدران المخيم، واتجه ناجي صغيرا نظرا للظروف المعيشية إلي العمل كعامل بسيط في بساتين الحمضيات والزيتون، ولكن وجده عملا مملا وآثر أن يرحل إلي طرابلس ليتعلم مهنة يكتسب منها قوت يومه فالتحق بمدرسة مهنية هناك وتعلم الميكانيكا ومنها سافر للسعودية ليعمل ميكانيكيا لمدة عامين. لكن حب ناجي للرسم بدأ معه قبل ذلك بدأ مبكرا جدا وشهدت جدران مخيم عين الحلوة محاولاته الأولي حيث كان يقضي أوقات فراغه في الرسم العبثي علي قصاصات من أوراق الكراسات المدرسية وإذا لم تتوفر له هذه القصاصات يرسم علي الجدران بشظايا الفحم الخشبي وشيئا فشيئا بدأ وعيه السياسي يتشكل من خلال علاقته بمحيطه البائس فوجد نفسه مجبرا علي رسم هموم شعبه ومأساته وأول محاولة شبه جادة في عالم الكاريكاتير لناجي العلي في الرسم الساخر كانت في السجن وكان الرسم بمثابة لغته التنفيسية الوحيدة له بين القضبان وكان يرسم علي جدران الزنزانة وأحيانا علي ورق الأكياس التي تتوافر له من خلال إدخال بعض الحاجات الغذائية. أستاذه الأول والذي أطلق جذوته الإبداعية إلي العالم هو الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني الذي اكتشفه بالمصادفة حين كان كنفاني يقوم بجولة من جولاته الدورية في مخيم عين الحلوة وهناك شاهد لوحات ناجي العلي وأعجب بها وأخذ معه ثلاث لوحات منها بين أوراقه التقطها من علي الجدار الذي يعلق ناجي لوحاته عليه ومضي وبعد فترة وجيزة شاهد ناجي لوحاته منشورة في جريدة «الحرية» التي يترأس تحريرها كنفاني، ويقول ناجي العلي عن هذه الفترة: المرحوم غسان كنفاني هو الذي اكتشفني وهو الذي قدمني للإعلام ففي إحدي زياراته الدورية لمخيم عين الحلوة وقع علي ثلاثة رسوم وضعها تحت إبطه ومضي وبعد فترة فوجئت بها منشورة في مجلة «الحرية» ولم تصدق عيناي ما رأتا ولا كذلك قلبي الذي أخذ يتراقص فرحا بهذا الإنجاز الكبير، شعرت بعد ذلك أن غسان كنفاني هو أب من نوع استثنائي خاص، أب للإبداع يكتشفه ويقدمه ويشجعه علي المضي في المغامرة. (2)وواصل كنفاني تبنيه لناجي العلي فتوسط له عام 1963 للعمل في مجلة «الطليعة الكويتية» لسان حال القوميين العرب في الكويت آنذاك وقد استقبل ناجي هذا العمل بحفاوة وتحولت «الطليعة» إلي همه الأساسي التي من خلالها يمارس هوايته ويقول رأيه وأصبحت منبره ا لأسبوعي لمخاطبة قرائه ثم تنقل ناجي بعد ذلك إلي عدد من المراحل الفنية ارتبطت بجرائد عربية شهيرة بدأها بمرحلة جريدة «السفير» اللبنانية «1974 ـ1976» و«1978 ـ 1983» ومرحلة جريدة «القبس» الكويتية «1983 ـ 1985» وأخيرا مرحلة جريدة «القبس الدولية» «1985 ـ 1987»
(1) : نضال حمد ، كاتب فلسطيني يقيم في أوسلو- النرويج،2002
(2) : محمد أبوزيد ،جريدة القاهرة ، 10/04/2005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق