ولد الشيخ
العالم محمد عز الدين من أسرة كريمة فى مدينة جبلة فى محافظة اللاذقية وذلك في عام
1300هـ-1871م، ونشأ فى بيئة عربية إسلامية وحصل على تعليمه العالى فى الأزهر
وتتلمذ على يد الأستاذ الإمام محمد عبده رحمه الله وكان من أقرب طلابه إليه. ولما
عاد إلى بلاده سوريا قاتل الفرنسيين المحتلين فحكموا عليه بالإعدام، فرحل إلى فلسطين
حيث استقر فى ضاحية الباجور قرب حيفا.
وكان رحمه
الله أول من انتبه إلى مؤامرة أوروبا واليهود لتهويد فلسطين فانضم إلى أسرة
المدرسة الإسلامية حيث عمل مدرساً فيها لتكون وسيلة للاتصال بالطلبة وأولياء
الأمور والمدرسين، ثم أنضم إلى جمعية الشباب المسلمين فى حيفا حيث انتخب رئيساً
لها سنة 1928م. وقد كان يتخذ الجمعية غطاءاً لدعوته للثورة، وقد بدأ قبل إعلان
الثورة يؤلف القلوب ويزيل الخصومات، وينشر المودات ويعمق الوعى الدينى فى نفوس
الناس ويدعو إلى تصفية العقيدة مما علق بها ثم جعل ينتبه إلى خطورة الهجرة من
فلسطين وبيع الأرض لليهود وما كان ينتهى له درس من دروسه فى مسجد حيفا الكبير إلا
وختمه بقوله تعالى "ومن يتولهم منكم فإنه منهم"().
واستجاب
جموع الشباب لصيحة الشيخ الخليل وابتدأت المنطقة تشهد أعمالاً عظيمة مثل اغتيال
الضابط الإنجليزى ونسف القطارات ومهاجمة المعسكرات وقتل الجواسيس.
وقد كان
إمام الدعوة وقائد الرحلة القسام صادق الرأي مخلص العقيدة محباً للإقدام متشوقاً
إلى الجنة فلما دعا إلى الجهاد كان أول من نازل الجنود البريطانيين وحاصر قوات
الاحتلال، ودارت بينه وبينهم معركة فى غابة يعبد بمنطقة جنين انتهت يوم 25 نوفمبر
سنة 1935م باستشهاد القائد عز الدين القسام رحمه الله وبعض رفاقه. وقد اكتشف البوليس
عند نهاية المعركة مع الشيخ ذي اللحية البيضاء على التراب بملابسه الدينية مصحفاً
ومسدساً كبيراً. وقد رثاه الشاعر بقصيدة قال فيها:
أولت
عمامتك العمائم كلهـــا شرفاً تقصر عنده
التيجــان
أن
الزعامة والطرق مخوفــة غير الزعامة
والطريق أمـان
ما
كنت أحسب قبل شخصك أنه فى بردتيه يضمها
اثنـــان
يا
رهط عز الدين حسبك نعمـة فى الخلد لا عنت
ولا أحـزان
شهداء
بدر والبقيع تهلهـــت فرحاً وهش مرحباً
رضـوان()
وقد لقب
الشيخ القسام بأبي الوطنية فهو أول عالم ديني في فلسطين يقوم الجهاد ضد المحتلين
وقد سار فى جنازته ثلاثون ألفاً يهدرون بنفير الجهاد والانتقام وكان استشهاده كعود
ثقاب للجهاد الفسطينى.
من مواقفه
-
لما
رأى وعلم حاكم حيفا وهو من الإنجليز ما يفعله الشيخ، أرسل إليه وقال له: يا شيخ
أنك متحرك وذو نشاط مناوئ لنا فأوقف من نشاطك قليلاً. فرد عليه الشيخ فى عزة وأنفة
قائلاً بعد أن أخرج المصحف من جيبه: إن هذا الكتاب يأمرنا بالجهاد ولا نخالفه.
-
فى
آخر خطبة له فى جامع الاستقلال بحيفا خطب فى المصلين وهو يفسر قول الله سبحانه
" ألا تقاتلون قوماً نكثوا إيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة أتخشونهم
فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين"([4]) وكان فى صوته تهدج وحماسة وفى عينيه بريق من البأس
والقوة الإيمانية. فقال: إيها الناس، لقد علمتكم أمور دينكم حتى صار كل واحد منكم
عالماً بها وعلمتكم أمور وطنكم حتى وجب عليكم الجهاد. ألا هل بلغت؟ أللهم فاشهد.
فإلى الجهاد أيها المسلمون. وما أن أنهى خطبته حتى كان الحاضرون قد أجهشوا فى
البكاء وأقبلوا على يديه يقبلونها وعاهدوه على القتال فى سبيل الله. وبعد ساعة من
إلقاء الخطبة أخذت السلطة تفتش عن الشيخ القسام للقبض عليه ومحاكمته، ولكنه قد ودع
أهله وعشيرته وحمل بندقيته وذهب وصحبه إلى الجبال ليجاهدوا ويستشهدوا. ويذكر أن
سيارة كانت تنتظره خارج المسجد ولم يشاهد مرة أخرى بحيفا بعد ركوبه فيها.
-
عندما
اشتدت المعركة بينه وبين أعداء الإسلام فى أحراش يعبد قرب جنين أبلى بلاء عظيماً
واستمات ورجاله فى المقاومة حتى دعاه الله إلى الخلود فكان أخر ما ردد وهو يجود
بنفسه: "يا إخوانى موتوا شهداء ولا
تستسلموا، هذا جهاد فى سبيل الله ومن كان جهاده فى سبيل الله فلا يستسلم لغير الله"
فاستشهد إلى جوار الشيخ السيد الحنفى من علماء مصر وجماعة من العلماء والمشايخ،
وهم يرددون لبيك يا فلسطين لبيك يا فلسطين، جئناك مستشهدين الله أكبر الله أكبر."
هو الشيخ العلامة الذي كانت المنظمات
الصهيونية تدعو لقتله قائلة: يجب أن يموت أمين الحسيني حتى نجد من الفلسطينيين من
يتفاوض معنا.
ولد رحمه الله في القدس سنة 1895 وكان
والده طاهر الحسيني مفتيا للقدس وتلقى القرآن وعلوم اللغة والدين في بيت والده،
وقد خصص له والده عدداً من العلماء والأدباء لتعليمه وتهذيبه وتعلم في مدارس
القدس، ثم انطلق إلى مصر فتلقى من علمائها وأخذ يدرس في مدرسة دار الدعوة والأرشاد
للأستاذ الإمام محمد رشيد رضا رحمه الله. ولما عاد إلى بلاده شارك في الجهاد
الوطني منذ نهاية الحرب العالمية الأولى سنة 1918، وألقت السلطات البريطانية القبض
عليه بتهمة التظاهر والدعوة إليه وأودعته السجن فهاجم مجموعة من الشباب القافلة
البريطانية المشرفة على ترحيله إلى القدس وهرب إلى سوريا وحكم عليه غياباً بالسجن
خمسة عشر سنة.
وقد قضى عمره رحمه الله مخلصاً لقضية
استقلال فلسطين وأوذي في سبيلها في العديد من البلدان حتى اعتبرته بعض بلدان
أوروبا مجرم حرب وظلت الابتلاءات تلاحقه حتى توفي رحمه الله في لبنان سنة 1975. ودفن
في مقبرة الشهداء. ولقد ختم بوفاته كتاب في الجهاد والاخلاص للعقيدة والفكرة
والوفاء للمبدأ والغاية يحتوي على قصة طويلة وروائع من الكفاح والبطولة والمغامرة
والإيمان الصادق والنزاهة التي لا ترتقي إليها شبهة والحياة التي لا مغمز فيها.()
وقد قام الكفاح المسلح الفلسطيني بتشييعه
وانبرى على رأس المشيعين ياسر عرفات الذي أمسك بحفنة من التراب في يده وأقسم وهو
يردد: إنه سيسير على دربه في البطولة وأنه هو الذي علمنا النضال، وهو السلف ونحن
الخلف. ولم تسمح دولة الاحتلال الصهيونية
بدفنه في القدس لأنها كانت تعتبره العدو رقم واحد لليهود وكان اليهود يطالبون
برأسه تماماً مثلما طالبت بها أوروبا.
من مواقفه
-
عندما
ذهب رحمه الله إلى القدس عضواً في الوفد العربي المتوجه إلى لندن من قبل اللجنة
التنفيذية العربية في 9 كانون الأول سنة 1930 وبعد جلسات مستمرة بينهم وبين حكومة
الانتداب البريطانية ولما انتهت الجلسة الأخيرة وهم الوفد الفلسطيني بالانصراف وقف
رامز ماكدونالد وكان يحضر الجلسة ليودع الوفد وتقدم من المفتي وصافحه وقال : آمل
أن تبذل كل جهد تستطيعه لمنع تكرار الاضطرابات في فلسطين وإني أعتبرك مسئولاً عن
كل نقطة دماء تسفك فرد عليه المفتي بعزة الإسلام وصرامة الايمان قائلاً: إن واجبنا
هو الدفاع عن وطننا ولم نكن في يوم من الأيام من المعتدين بل ضحايا للاجرام
والإرهاب والعدوان وأؤكد لك يا مستر أن العرب والمسلمين يعتبرونك المسؤول الأول عن
كل نقطة دم تسفك في فلسطين وهنا أدعى ماكدونالد بأنه يمزح فرد عليه المفتي قائلاً
بأن المزاح لا يكون على حساب الدماء ولا على حسب وطن وشعب وسلامته.
-
وفي
تصريحات لابن جوريون في صحيفة اللومند القرنسية قال : لقد عرضت صفقة على مفتي
القدس الحاج أمين الحسيني وذلك عام 1934 عندما قلت له: اعترفوا للشعب الاسرائيلي
بحقه في إقامة دولة على ضفتي نهر الأردن ونحن من جانبنا نساعد الشعب العربي على
تحقيق وحدته واستقلاله ونحول فلسطين من صحراء إلى أرض مزروعة ومزدهرة، ولكن الحاج
أمين الحسيني أجابني: أنني أفضل أن تظل بلادي جرداء فقيرة على أن أقدمها لقمة
سائغة لليهود. ولهذا لم تعرف القضية الفلسطينية التفاوضات وتبدأ سلسلة التنازلات
إلا بعد موته رحمه الله.
هو الإمام الشهيد المقتول بيد الغدر
والظلم في صيام رمضان على يد الاحتلال الانجليزي الشيخ فرحان السعدي، المولود في
قرية المزار من أعمال قضاء جنين في لواء نابلس في منتصف القرن التاسع عشر، وتلقى
علومه في كتّاب القرية وأخذ يطلب العلم على المشايخ وكان يلقب بخليفة القسام.
كان يجاهد ضد الاحتلال الانجليزي والتسرب
اليهودي إلى فلسطين. وقد وجدت السلطات في منزله بندقية قديمة فسألوه عنها فأجاب
بأنها له فحكموا عليه بالإعدام شنقاً وتدخل جماعة من الوطنيين واتصلوا بالحاكم
العسكري الانجليزي طالبين تأجيل الإعدام إلى ما بعد رمضان ولكن هيهات فلقد نفذوا
فيه رحمه الله حكم الاعدام وهو صائم في يوم 13 رمضان سنة 1356 وكان سنه يومذاك
ثمانين سنة وأعقب استشهاده ثورة عارمة كالتي أعقبت استشهاد الشيخ القسام رحمهما
الله.
وقد رثاه
الشاعر بقصيدته لهب القصيدة والتي يقول فيها:
انشر
على لهب القصيــد شكوى العبيد إلى
العبيــد
شكوى
يرددها الزمـــان غدا إلى الأبد
الأبيــــد
سحقاً
لمن لا يعرفـــون سوى التعلل بالوعـــود
قوموا
اسمعوا من كل ناحية يصيـح دم الشهيــــد
قوموا
انظروا فرحـــان فوق جبينه أثر السجــود
يمشي
إلى حبل الشهــادة صائماً مشي الأســـود([8])
من مواقفه
-
عندما
قبض عليه وثلاثة من رفاقه في إبريل سنة 1936 بعد الحادثة التي أدت إلى ثورة سنة
1936 رفض أن يتكلم في المحكمة مدافعاً عن نفسه وعندما سألوه أأنت مذنب أجاب معاذ
الله أن أكون مذنباً.
ولد
الشيخ أحمد اسماعيل ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (حماس) في يونيو
سنة 1936 في قرية جورة عسقلان في قضاء المجدل شمال قطاع غزة ونزح مع عائلته إلى
غزة بعد نكبة 1948. أصابه شلل في جميع أطرافه وهو في السادسة عشرة من عمره،
واستطاع بعزيمته الفذة أن يحصل على الثانوية ثم عمل مدرساً للتربية الإسلامية وعمل
إماماً وخطيباً ومدرساً في مساجد غزة. وقد أصبح لقوة حجته وجسارته في إحقاق الحق
أخطب خطباء غزة. ورأس التجمع الاسلامي في غزة واعتقل وحكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة
عشر عاماً، وأسس حركة المقاومة الإسلامية "حماس"([10]) سنة 1987.
خرج من السجن وقد اصطلحت عليه العلل والأمراض. فقد فقد البصر في عينه اليمنى بعد
ضربه عليها أثناء التحقيق وبضعف شديد في إبصار العين الثانية بسبب التهاب الأذن
وابتلي بحساسية في الرئتين وأمراض والتهاب في مفاصله، وقد اعتقل مرة ثانية وحكم
عليه بالسجن مدى الحياة سنة 1991، إلا أنه سرعان ما أفرجوا عنه في صفقة لتبادل
الأسرى 1997. كان الشيخ ياسين رحمه الله
هو شيخ الانتفاضة الفلسطينية التي سميت بانتفاضة المساجد أو ثورة المساجد لأنها
انطلقت من المساجد، واستظلت بظلال المساجد.
إن
المساجد عقدة المحتل في بلد الحبيبة
ولذا
يطوقها بأسلحة مدمرة رهيبة
فمن
المساجد شعلة الإيمان تمسح كل ريبة
وتثير
حقد المؤمنين على العصابات الغريبة
ومن
المساجد الانتفاضات المظفرة العجيبة
تمضي
شرارتها لتنقذنا من الحال العصيبة([11])
وكان أمير هذه الثورة هو الشيخ القعيد الشهيد رحمه الله وقد
تعرض رحمه الله لأربعة اغتيالات فاشلة وشاء الله أن تنجح المحاولة الخامسة الغادرة
لينتقل شهيداً إلى الرفيق الأعلى عقب صلاة الفجر في اليوم الأول من صفر 1425هـ، 22
مارس 2004م، وقد نعاه العلماء والأدباء والخطباء وبكت عليه كل عين، وود كل قلب أن
يكون للشيخ أحمد ياسين قبراً، لأنه علم الدنيا أن جذوة الايمان لا يمكن أن تخمد
وأن نور القرآن لا يمكن أن يطفئ وأن كل هدوء في فلسطين سوف يعقبه إعصار يلحق
بالظالمين والمستسلمين والانهزامية الخزي والعار.
من مواقفه
-
سئل
مرة: أتريد دولة فلسطينية من النهر إلى البحر ؟ فقال : أريد دولة فلسطينية ، قيل
له: ماهي حدودها؟ قال : فلسطين لها حدود معروفة فهذه هي حدودها ، قيل له : أين
إسرائيل إذاً؟ قال: هي فلسطين، قيل له: هل تعترف بإسرائيل؟ قال : لو اعترفت
بإسرائيل لانتهت المشكلة ولن يبقى لي حق في فلسطين.
-
عندما
رفع رئيس وزراء دولة الاحتلال الصهيونية شعار أنا أحارب إذاً أنا موجود رد عليه
الشيخ أحمد ياسين بشعاره المضاد أنا أقاوم إذا أنا موجود وسيغلب حقنا باطلكم بإذن
الله.
-
كان
معروفاً عن الشيخ أحمد أنه لا يمل من قضاء حوائج الناس وفي أحد الأيام من شهر
رمضان انتهى من حل قضية قبل الافطار بدقائق وأثناء نقله إلى بيته فوجئ بعض
المرافقين للشيخ برجل يريد الشيخ في قضية وشكوى فما كان منهم إلا أن صرفوا الرجل
رفقاً بالشيخ فرد الشيخ وقال أنا لم أطلب منكم أن تردوا على الرجل وإذا كنتم تعبتم
فاذهبوا إلى بيوتكم ثم قضى حاجة الرجل والتفت إليهم بعدها قائلاً : أهكذا الدعوة
إلى الله من أراد أن يدل الناس على الله فليسارع في حوائجهم وليكن من أرفق الرفقاء
بهم.
-
ولما
حضر أحد ضباط الموساد إليه وقال إن كتائب القسام تطالب بإطلاق سراحك في بيان نشر
في بيروت مقابل الكشف عن جثة الجندي اليهودي إيلان سعدون، فرد عليه الشيخ في عزة
وكرامة قائلاً : أنا لا أقبل على نفسي أن يفرج عني مقابل جثة يهودي.